إعتقال متطرف في عملية أمنية بتطوان (التفاصيل…)

2٬765

شهد يوم أمس الخميس تنفيذ عملية توقيف عنصر متطرف بمدينة تطوان، موال لتنظيم “داعش” الإرهابي، ويبلغ من العمر 36 سنة، “للاشتباه في انخراطه في التخطيط والإعداد لتنفيذ مشروع إرهابي بغرض المساس الخطير بالنظام العام”.

جهود المكتب المركزي للأبحاث القضائية التابع للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، عبر عملية أمنية منسَّقة شاركت في تنفيذها مجموعة من عناصر “القوة الخاصة” التابعة للمديرية ذاتها، بتنسيق وتعاون ميداني مع ضباط الشرطة القضائية العاملين بـ”البسيج”، نجحت في الإطاحة بهذا المتطرف، الذي توحي عملية اعتقاله وظروفها وسياقها بتجدّد وانبعاث ظاهرة “الإرهاب الفردي”، أو ما عُرف في الأدبيات الأكاديمية بـ”الذئاب المنفردة” خلال السنوات القليلة الماضية.

ويطرح توقيت العملية وملابساتها، أيضا، مزيدا من الأسئلة بخصوص دواعي ارتفاع اعتقال متطرفين ينشطون بشكل فردي، في الغالب. كما لا يخلو الظرف المكاني من دور حاسم يمكن اعتباره بمثابة “مؤشر دالّ” في ظل تواتر عمليات التوقيف في السنوات الأخيرة لإرهابيين ينحدرون من مدن وجهة الشمال، فضلا عن تميزهم باللجوء إلى وسائل نشر واستقطاب رقمية معلوماتية.

وكان لافتا، حسب المعلومات الأولية المتوفرة بعد البحث، أن “المشتبه فيه الموقوف الموالي لتنظيم ‘داعش’ الإرهابي متشبع بأفكار متطرفة تحرض على تكفير المجتمع وممثلي السلطات والقوات العمومية”، يورد بلاغ المكتب المركزي للأبحاث القضائية، فضلا عن رصد “نشاطه المكثف ضمن الأوساط الافتراضية وقنوات التواصل المعلوماتي التي تتبنى الإشادة بالفكر التخريبي المتطرف، وكذا التحريض على التخطيط لتنفيذ مشاريع إجرامية تستهدف الأشخاص والمنشآت العمومية والخاصة”.

وتم فتح بحث قضائي يُجريه الـ”BCIJ”، تحت إشراف النيابة العامة المكلفة بقضايا الإرهاب، قصد الكشف عن المخططات الإرهابية التي انخرط هذا العنصر في التحضير لتنفيذها، وكذا تحديد ارتباطاته المحتملة مع خلايا وتنظيمات إرهابية، تنشط سواء داخل المغرب أو خارجه”.

تعليقا على الموضوع، سجل إدريس الكنبوري، الباحث في قضايا الفكر الإسلامي والتطرف، أنه من “الواضح أن هذه الحالة الفردية تعكس عودة الانجذاب إلى خطاب ‘داعش’ المتطرف من خلال شبكة الإنترنت، التي تعتبر أكبر وسيلة للاستقطاب لدى التنظيم، خصوصا بعد هزيمته على يد التحالف الدولي عام 2019″.وعن توالي عمليات اعتقال “إرهابيين” ينحدرون من جهات شمال المغرب، أورد الكنبوري: “نحن نعرف أن منطقة الشمال كانت خلال السنوات الماضية أكثر الجهات التي أرسلت مقاتلين مغاربة إلى العراق وسوريا، بعد ظهور ما سُمّيت حينها ‘الدولة الإسلامية’”.

وجدد الباحث المغربي،تأكيدا سابقا لخبراء ومختصين منذ شهر مارس الماضي، مفاده “سعيُ “داعش” لإعادة الانبعاث”، كما توقعوا أن “يتم استغلال الصراع في أوكرانيا من أجل إعادة إحياء نظام إرهابي انتهى فعلا”، شارحا أنه “الآن هناك سياق إقليمي ودولي مختلف يريد تنظيم داعش استغلاله؛ فحرب أوكرانيا خلقت أزمة عالمية اقتصادية وسياسية من جهة؛ بينما مقتل ‘زعيم القاعدة’ أيمن الظواهري هذا الأسبوع جعل التنظيم في موقف أكثر ضعفا، من جهة ثانية”.

ولفت الكنبوري إلى أن “تنظيم داعش سوف يستغل هذا الفراغ في زعامة القاعدة لإعادة مَوْقعة نفسه على الساحة الجهادية في العالم”.

كما لم يفوت المتحدث الإشارة إلى أن “اعتقال هذا الشاب يدل على أن شبكة الإنترنت توجد تحت مراقبة شديدة بالمغرب، مثله مثل باقي دول العالم؛ لأن ما يسمى ‘جهاد الإنترنت’ أصبح ظاهرة مثيرة”، مشددا على أن “المواقع الجهادية أصبحت تعوّض وسائل الاستقطاب التقليدية، مثل المساجد والاتصالات الشخصية والعلاقات العائلية؛ فهي أكثر الوسائل من حيث الاستقطاب”، وفق تقديره.

اعتقال شاب تطوان يؤكد أن منسوب التهديدات الأمنية يظل قائما ومرتفعا، وأن المخاطر التي تُضمرها الجماعات الإرهابية ليست بالضرورة عبر تنفيذ مشاريع جماعيًا في شكل خلايا، بل تأخذ بعدا فردانيا من خلال أسلوب الذئاب المنفردة”، يسجل الدكتور إحسان الحافظي، الخبير والباحث في السياسات الأمنية بالمغرب.

ونبه المتحدث ذاته، إلى أن “حالة تطوان ليست الأولى من نوعها”، مذكّرا بعملية ماي الماضي، حيث “تم تحييد خطر مشروع إرهابي فردي ضواحي مدينة بركان بناء على تعاون استخباراتي مغربي-أمريكي”، وزاد: “المخاطر التي تحملها هذه النماذج من المتطرفين أكثر تعقيدا من الناحية الأمنية؛ لأنه يصعب تتبّع شخص يتحرك بصفة منفردة وبدون تنسيق أو تواصل مع أشخاص آخرين”.

وختَم الحافظي حديثه مع الجريدة بالقول إن “انتشار الذئاب المنفردة لا يقتصر، طبعا، على دولة دون الأخرى، في ظل التقدم التكنولوجي الذي يسهل عمليات التواصل عبر شبكة الإنترنت”.

التعليقات مغلقة.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد