الصمت المميت.. الفصل الرابع
في مدن لا تكاد تنام، حيث الأحياء تغفو على وقع أنغام الحياة الصاخبة، وقعت جريمة صمت لا تغتفر. ليست جريمة عادية، بل مأساة تتكرر كل عام، تخطف الأرواح وتزرع الأحزان.
المشهد الأول.. سيدي علال التازي، 2024.
الستار يرتفع عن خمسة عشر ضحية، سقطوا كأوراق الخريف، ليس بفعل الطبيعة بل بيد الإهمال. “ماحيا”، كلمة تعني الحياة، لكنها هنا تحولت إلى مرادف للموت.
المشهد الثاني.. مكناس، 2023.
سبعة أشخاص، كانوا يبحثون عن لحظات فرح، لكنهم وجدوا أنفسهم في أحضان الأبدية. الكأس الذي رُفع للشفاه حمل معه الدمار بدلا من النشوة.
المشهد الثالث.. القصر الكبير، 2022.
تسعة عشر روحا طارت بعيدا، تاركة وراءها الأسئلة والدموع. الكحول الفاسد لم يبق ولم يذر.
المشهد الرابع..وجدة، 2021.
ثلاثة وعشرون قلبًا توقفت عن النبض، والسبب؟ ليس السم الذي شُرب، بل الصمت الذي قتل به الضمير.
وفي كل مرة، بعد الفاجعة، يخرج الجميع، يلبس أقنعة الحزن، وتبادل عبارات الأسى.
الحقيقة المرة، أن الضحايا لم يموتوا بسبب “ماء الموت” فحسب، بل بسبب “صمت الموت” الذي سمح لتجار السم أن يعيدوا تكرار مأساتهم دون خوف أو عقاب.
في هذه المسرحية السوداء، الجميع ممثلون، والجميع متفرجون، لكن لا أحد يريد أن يكون المخرج الذي ينهي العرض.
– إلى متى سيستمر هذا العرض المأساوي؟
– ومتى سيأتي اليوم الذي نرفع فيه الصوت بدلا من أن نخفض الرأس؟
فلنكن صوت الضحايا الذين لم يعودوا قادرين على الكلام، ولنكسر حاجز الصمت الذي يحمي الجناة.
فالصمت ليس ذهبا دائما، أحيانا يكون الصمت هو الجريمة الأكبر.
عمار الوافي
التعليقات مغلقة.