مهرجان الزبل الدولي.. برعاية الجماعة وشركاؤها

869٬309

في عز حرارة الصيف، قررت مدينة مكناس أن تتحول إلى معرض دولي مفتوح للروائح الكريهة والنفايات المتناثرة.

إنها المبادرة الأولى من نوعها التي تسجل براءة اختراع في “تدوير اللامبالاة” و”إعادة إنتاج القمامة”، تحت إشراف جماعة تفضل النوم في العسل وشركة مفوضة تنام على رزم من الأرباح.

أما السكان؟ فقد أصبحوا رهائن لدى عصابة من الأكياس السوداء وأسرى روائح تتحدى قوانين الطبيعة وحتى الكمامات الطبية.

يبدو أن شركة النظافة قررت تطبيق سياسة “خليها تعفن”، بينما الجماعة تحولت إلى جمعية لحفظ التراث الزبالي، تراقب بصمت أكوام النفايات تكبر وتتكاثر كأنها مشهد من فيلم رعب بيئي من إنتاج محلي.

شوارع المدينة لم تعد تحتاج إلى التزفيت، بل إلى معقمات صناعية وكميات محترمة من البخور أو ربما تدخل عاجل من فرق مكافحة الأوبئة.

المفارقة الكبرى أن هذه الكارثة ليست نتيجة إعصار أو زلزال، بل هي ثمرة تعاون مثمر بين التسيير العشوائي والتفويض غير المشروط لجمع الزبل دون جمعه.

فالمسؤولون يلتزمون الصمت وكأنهم في جلسة “يوغا إدارية”، أما الشركة فتمعن في تجاهل التزاماتها، واضعة صحة المواطنين في خانة “غير مهمة في هذا الترميم”.

ملاحظة لها علاقة بما سبق.. تبقى كرامة مكناس مدفونة تحت النفايات، تماما كما تدفن الوعود الانتخابية كل موسم.

وإن كان الصمت في بعض المواقف من ذهب، فإنه هنا لا يساوي سوى صدأ في حاوية صدئة، تنتظر من يقول لها.. كفى عبثا، مكناس رسالة أمل وليس مزبلة بلدية مفتوحة على مدار الساعة.

عمار الوافي
مواطن مكناسي
فاعل سياسي ومدني

التعليقات مغلقة.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد