ارتفاع زوج العملات الدولار الأمريكي/الدرهم

2٬430

يواصل زوج العملات الدولار الأمريكي/الدرهم، منذ عدة أسابيع، منحاه التصاعدي الذي يُعزى إلى الارتفاع الأخير للدولار الأمريكي مقابل الأورو، مما انعكس على سعر صرف الدرهم.

أوضح الخبير الاقتصادي المختص في سياسة الصرف، عمر باكو، أسباب هذا التوجه، مبرزا انعكاساته على الاقتصاد الوطني، ولاسيما على مستوى الاستيراد والتصدير.

1 – يُعزى ارتفاع زوج العملات الدولار/الدرهم إلى ارتفاع الدولار مقارنة بالأورو. ما هو تفسيركم لهذا المنحى؟

ارتفاع سعر عملة ما في السوق الدولية يمكن أن ينتج بشكل طبيعي إما عن ارتفاع الطلب عليها، أو انخفاض عرضها، أو نتيجة للاثنين معا في نفس الوقت.

وفي هذه الحالة، فإن ارتفاع سعر صرف الدولار الأمريكي بالمقارنة مع العملات الأخرى نتج بالأساس عن ارتفاع الطلب على الدولار. هذا الارتفاع يُفسر بثلاثة أسباب رئيسية:

– أولا، ارتفاع أسعار المواد الأولية (المواد الطاقية والمعدنية والفلاحية)، بما أن هذه المواد مسعرة بالدولار الأمريكي: الدول المستوردة لهذه المواد سترتفع نفقاتها بالدولار مما سيرفع الطلب العالمي على الدولار.

– ثانيا، ارتفاع سعر الفائدة الرئيسي للبنك المركزي الأمريكي: مدبرو الادخار الخاص والعمومي (احتياطي الصرف) سيكون في صالحهم توظيفه في السوق الأمريكية.

– العامل الثالث مرتبط بحالة عدم اليقين التي تخيم على الاقتصاد العالمي، مما يدفع أصحاب الرساميل إلى تفضيل توظيفها في أصول مالية ونقدية يُنظر إليها بوصفها الأكثر أمانا: سندات الخزينة والدولار الأمريكي.

2 – ما هو تأثير هذا المنحى على الواردات والصادرات، وكذا على سوق الصرف؟

تأثير انخفاض سعر صرف الدرهم مقابل الدولار الأمريكي سلبي بالنسبة للواردات وإيجابي بالنسبة للصادرات.

يتعلق الأمر بتأثير سلبي بالنسبة للواردات لكون هذا الانخفاض يرفع بشكل طفيف أسعار وارداتنا المسعرة بالدولار (حوالي 50 في المائة)، وبشكل خاص المواد الطاقية والمعدنية والفلاحية.

وفي المقابل، سيكون التأثير إيجابيا بالنسبة للصادرات (حوالي 40 في المائة) بما أن هذا الانخفاض سيمكنها من تحقيق مداخيل أكبر بالدرهم على إثر عمليات التصدير.

وبشكل عام، وأخذا في الاعتبار التباين الطفيف بين تسعير وارداتنا بالدولار مقارنة بصادراتنا (نشتري بالدولار أكثر مما نبيع)، يمكن التأكيد على أن تأثير ارتفاع الدولار مقارنة بالدرهم سيكون بشكل عام سلبيا على ميزاننا التجاري.

3 – أخذا في الاعتبار الظرفية التضخمية الراهنة، هل يمكن لهذا الارتفاع أن يفاقم ارتفاع الأسعار؟

بشكل عام، فإن الارتباط بين سعر الصرف والأسعار الداخلية هو على النحو الآتي: انخفاض سعر الصرف يرفع مبدئيا أسعار الواردات، مما يمارس ضغطا نحو الارتفاع على الأسعار الداخلية (التضخم المستورد).

إلا أن هذا التأثير المحتمل لسعر الصرف على الأسعار الداخلية ليس تلقائيا ويخضع للعديد من العوامل أبرزها:

– الحصة التي تمثلها واردات السلع والخدمات من الناتج الداخلي الخام. فكلما كانت هذه الحصة كبيرة، كلما كان تأثير تقلب سعر الصرف على الأسعار الداخلية قويا والعكس صحيح. في المغرب، تمثل حصة واردات السلع والخدمات مقارنة بالناتج الداخلي الخام حوالي 47 في المائة خلال السنوات الخمس الماضية، وهي درجة يمكن وصفها بالمتوسطة بما أنها تظل من جهة أقل من تلك المسجلة في عدة بلدان.

– الماضي التضخمي للبلد المعني، بحيث أنه كلما كان معدل التضخم المسجل في الماضي ضعيفا، كلما كان تأثير انخفاض سعر الصرف على الأسعار الداخلية ضعيفا والعكس صحيح. في المغرب، يظل معدل التضخم متحكما فيه بشكل جيد: إذ بلغ في المتوسط 2 في المائة خلال العقود الثلاثة الماضية.

– مدة تغير سعر الصرف، فكلما كانت هذه المدة طويلة كلما كان تأثير تغير سعر الصرف على الأسعار الداخلية أقوى والعكس صحيح.

– حجم تغيرات سعر الصرف، بحيث حين يكون حجم تغيرات سعر الصرف صغيرا، يكون التأثير على الأسعار المحلية منعدما.

غير أنه بالنظر إلى أن الأمر يتعلق بانخفاض يظل معتدلا في سعر صرف الدرهم ولا يمس إلا جزءا من وارداتنا، وإذا أخذنا بعين الاعتبار عوامل أخرى، وخصوصا تدخل الدولة عبر صندوق المقاصة، والمنحى التنازلي لكلفة الشحن المسجل مؤخرا، بالإضافة إلى استقرار أسعار المواد الطاقية، يمكن التأكيد على أن التأثير على الأسعار الداخلية بالمغرب سيكون ضئيلا.

التعليقات مغلقة.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد