حين تغني مكناس.. وتبكي بنيتها التحتية

894٬331

في الوقت الذي كان فيه سكان مكناس يتوقعون أن يحدث مهرجان عيساوة “نقلة نوعية” و”إشعاعا ثقافيا وسياحيا”، جاءت النتيجة أقل من حجم التطلعات، وأقل حتى من ميزانية التظاهرة نفسها.

فبين المنصات الفخمة، والدعوات اللامعة، والمجموعات الموسيقية القادمة من كل فج عميق، ظل المواطن المكناسي يتساءل.. هل نحن نحتفل بالفن أم ندفن مشاكلنا تحت إيقاعات الطبول؟

الغريب أن مكناس، حين تحتفل بعيد المولد النبوي الشريف بطقوسها الشعبية الصرفة، وبدون رعاية شركات أو دعم جماعات، تنجح في بعث البهجة والاعتزاز في النفوس، وتروج لرأسمالها الرمزي والاقتصادي والسياحي أكثر من كل المهرجانات المعلبة التي تنتهي بانتهاء المنصة.

الفرق واضح.. احتفال شعبي ينبت من الأرض ويعرف أهله، مقابل مهرجان “فاخر” لا يعرف سوى طريق الميزانية.

والآن بعد أن انطفأت الأضواء وعادت ساحة الهديم إلى صمتها، تبدأ مكناس رحلة العودة إلى الواقع.

ظلام دامس في الأزقة، حفر تستقبل السيارات بالأحضان، حدائق صفراء بعد أن كانت خضراء، ومسابح بلدية لا تصلح سوى لتدريب البط على القفز في الطين.

أما النقل الحضري؟ فحدث ولا حرج، الحافلات تشبه كائنات منقرضة تظهر نادرا وتختفي فجأة.

النظافة؟ تتولى الرياح مهمة التوزيع العادل للنفايات.

وهكذا، تطوى صفحة المهرجان بسرعة، وتفتح من جديد دفاتر الأعطاب اليومية، لتذكرنا أن مكناس لا تحتاج منصات، بل تحتاج من يقف على أرضها بثبات، ويعزف لحن الإصلاح بدل ضجيج “الفرجة المؤقتة”.

عمار الوافي
مواطن من مكناس
فاعل ساسي ومدني

التعليقات مغلقة.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد