تحولات جغرافيا الاحتجاجات في المغرب.. من المدن الكبرى إلى الهامش الغاضب

837٬305

عرفت جغرافيا الحراكات الاجتماعية في المغرب خلال السنوات الأخيرة تحولا لافتا، حيث لم تعد المدن الكبرى وحدها تحتكر مشهد الاحتجاجات كما كان عليه الحال في العقود الماضية.

فقد أضحت القرى، والمناطق الجبلية، والمدن الصغرى، فضاءات جديدة لظهور تعبيرات شعبية غاضبة، تطالب بتحسين الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية، وتعبر عن شعور متزايد بالتهميش والإقصاء.

هذا التحول الجغرافي لا يعكس فقط تغيرا في المكان، بل يترجم أيضا انتقالا في طبيعة الفاعلين الاجتماعيين.

فبعدما كانت النخب النقابية والطلابية والحقوقية هي المحرك الرئيسي للاحتجاجات في الفضاءات الحضرية، أصبح المواطن العادي في الهامش، من مزارع بسيط إلى امرأة قروية أو شاب عاطل، هو من يتصدر مشهد الاحتجاج، مستندا إلى تجارب معيشية قاسية وإحساس متجذر بالحيف.

وتظهر هذه الدينامية الجديدة أن المغرب أصبح مطالبا بإعادة النظر في سياسات التنمية المجالية، التي غالبا ما تركز على مراكز النفوذ العمراني وتقصي الأطراف من مشاريع العدالة الاجتماعية والاقتصادية.

فصوت الهامش الذي كان خافتا لعقود، بات اليوم أكثر وضوحا، مدعوما بوسائل التواصل الاجتماعي التي كسرت حاجز العزلة وساهمت في تحويل الغضب المحلي إلى قضية وطنية.

إن صعود هذه البؤر الاحتجاجية في مناطق كانت تعتبر “هادئة” ينذر بإعادة تشكيل ملامح التوتر الاجتماعي في البلاد، ويضع صناع القرار أمام تحديات جديدة تتطلب استراتيجيات أكثر شمولية وإنصافا.

ذلك أن استمرار تجاهل مطالب سكان الهامش قد يؤدي إلى مزيد من الاحتقان، ويقوض الثقة في المؤسسات، ويؤثر سلبا على الاستقرار الاجتماعي في المدى المنظور.

عمار الوافي
فاعل سياسي ومدني

التعليقات مغلقة.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد