6433 معتقلا استفادوا من عملية المحاكمات عن بعد ما بين 26 و28 أكتوبر الماضي
أكد وزير العدل، محمد بنعبد القادر، اليوم الثلاثاء بالرباط، أن وزارة العدل انخرطت “بكل مسؤولية في ورش استراتيجي كبير يروم إصلاحا عميقا وشاملا لمنظومة العدالة بالمملكة”.
وأوضح بنعبد القادر، في كلمة افتتاحية بمناسبة انعقاد الدورة الثالثة والثلاثين للمجلس الإداري للمعهد العالي للقضاء، أنه بعد تحقيق الاستقلال المؤسساتي الكامل للسلطة القضائية، ونقل رئاسة النيابة العامة إلى الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، شرعت الوزارة في إعداد الترسانة القانونية اللازمة لمواكبة هذا التحول التاريخي في مشهد العدالة بالمملكة.
وأشار وزير العدل في هذا الصدد إلى اهتمام الوزارة انصب على ترتيب الآثار على قرار المحكمة الدستورية بشأن مشروع قانون التنظيم القضائي، وإعداد مسودة لمشروع قانون التفتيش القضائي، علاوة على مسودات لمشاريع القوانين المنظمة للمهن القانونية والقضائية.
وبخصوص انعقاد دورة المجلس الإداري للمعهد العالي للقضاء، أكد بتعبد القادر، أن هذه الدورة تأتي في سياق دقيق يتميز بالتحولات العميقة التي يعرفها مشهد العدالة بالمملكة والدينامية التي يشهدها مسلسل الإصلاح، مضيفا أن المعهد العالي للقضاء “يجسد مظهرا من مظاهر سيادة الدولة لارتباطه بالسلطة القضائية، التي يرأس مجلسها الأعلى، الملك، ويعتبر أداة أساسية لتعزيز الأمن القضائي للمواطنين وضمان حقوقهم وحرياتهم”.
وأبرز الوزير أن المعهد العالي للقضاء يبقى في قلب وروح الإصلاح المنشود في خضم الدينامية التي تعرفها وزارة العدل، كما يحظى بكامل الدعم والعناية والأولوية من أجل تطويره وتحديثه والارتقاء به وفق مخرجات الحوار الوطني حول الإصلاح الشامل والعميق لمنظومة العدالة والميثاق المتمخض عنه، معتبرا أن هذا المعهد يوجد اليوم على أبواب تحولات وتحديات كبرى، بحكم دوره المحوري في إنماء القدرات المهنية لمكونات منظومة العدالة.
وأبرز بنعبد القادر أن هذه التحولات تجلت إشاراتها القوية من خلال مصادقة المجلس الوزاري، الذي ترأسه الملك محمد السادس في 04 أكتوبر 2019، على تعديل القانون التنظيمي رقم 02.12 المتعلق بالتعيين في المناصب العليا، وذلك “من خلال الارتقاء بهذه المؤسسة العريقة إلى مؤسسة استراتيجية، وإدراجها ضمن لائحة المؤسسات العمومية التي يتم تعيين مديرها العام بمقتضى ظهير ملكي شريف بعد التداول بشأنه في المجلس الوزاري”.
وحسب الوزير، فإن هذا التعديل التاريخي سيشكل نقلة نوعية في عمل هذه المؤسسة سواء من حيث اختصاصاتها أو هيكلتها أو الإطار التشريعي المنظم لها أو الموارد التي ينبغي رصدها لبلوغ الغايات المتوخاة من إصلاحها في ضوء التوصيات التي أفرزها ميثاق إصلاح منظومة العدالة.
وفي هذا الصدد، ذكر الوزير بميثاق إصلاح منظومة العدالة، الذي استهدف تحقيق ستة أهداف استراتيجية، منها إنماء القدرات المؤسسية لهذه المنظومة، واقترح عددا من التوصيات، أهمها ضمان جودة التكوين الأساسي والارتقاء بمستوى التكوين المستمر، والتي من الصعب تحقيقها إلا بعد مراجعة نظام التكوين الأساسي والمستمر والتخصصي بالمعهد العالي للقضاء.
وأكد بنعبد القادر، بهذه المناسبة، أن التكوين القضائي يعد من أهم ركائز إصلاح منظومة العدالة، ومن أبرز مقومات ضمان تخليقها وتكريس استقلاليتها، “بل إن نجاح برامج إصلاح العدالة، في جزء كبير منها، رهين بنجاعة التكوين القضائي وجودته”.
وأبرز أن أهمية التكوين القضائي زادت نظرا لما تواجهه العدالة المعاصرة من تحديات متسارعة، نتيجة تنامي دور القاضي في المجتمع، وكثرة النصوص التشريعية، وضرورة الاستجابة لمتطلبات التحولات الاقتصادية والاجتماعية، وانخراط القضاء في جهود التنمية والمساهمة في توفير المناخ الملائم للاستثمار.
وأعتبر أن المؤسسات المشرفة على العاملين بمنظومة العدالة لن تتمكن من مواجهة هذه التحديات، إلا بالإعداد الجيد لعنصرها البشري وتأهيله، من خلال تكوين أساسي ومستمر متين وعصري ومنفتح على المعارف الجديدة، ومواكب للمستجدات القانونية الناجمة عن تنزيل أوراش الإصلاح وكذا التطورات الاقتصادية والاجتماعية والتكنولوجية المتسارعة التي يعرفها العالم.
وفي سياق متصل، أشار بنعبد القادر إلى أن الوزارة نظمت مباراة الفوج ال44 للملحقين القضائيين خلال شهر شتنبر الماضي، رغم الظرفية الراهنة التي تعيشها المملكة إثر تفشي فيروس كورونا، مضيفا أنه من المرتقب استقبال هذا الفوج الذي يتكون من 150 ملحقة وملحقا قضائيا، خلال الأسبوع المقبل لينطلق برنامج التكوين.
ودعا بنعبد القادر، بالمناسبة، إدارة المعهد العالي للقضاء إلى إعداد برنامج التكوين وفق منهجية تشاركية، مع استحضار الظروف الاستثنائية التي تجتازها المملكة بسبب الجائحة، وما تستلزمه من تعبئة لكل الإمكانيات المتاحة، ومضاعفة للجهود لضمان تكوين جيد لهذا الفوج في ظل هذه الظروف الخاصة.
يذكر أن المعهد العالي للقضاء تم إنشاؤه سنة 1962، وتتمثل مهامه على الخصوص، في التكوين الأساسي للملحقين القضائيين، والتكوين المستمر والتخصصي للقضاة، والتكوين الأساسي والمستمر في ميدان كتابة الضبط، إلى جانب تنظيم دورات التكوين الأساسي والمستمر والتخصصي لفائدة مساعدي القضاء وممارسي المهن القانونية، والقيام بالنشر و الأبحات و الدراسات العلمية في مختلف الميادين القانونية و القضائية و الفقهية.
التعليقات مغلقة.