مكناس تودع الحضارة تحت قيادة “الفشل المتحرك”

في خطوة غير مسبوقة على سلم التراجع الحضاري، تواصل مدينة مكناس – أو ما تبقى منها – مسيرتها البطولية نحو العتمة، بقيادة رئيس جماعة يبدو أن الفشل يلاحقه كما يلاحق الظل صاحبه، بل وربما سبقه بخطوات.
ففي إنجاز يحسد عليه، أصبحت المدينة العريقة أول عاصمة تاريخية تنجح في تجربة العيش بدون إنارة عمومية، في محاولة جريئة لمحاكاة العصر الحجري أو ربما لتوفير الطاقة استعدادا لـ”التحول الأخضر”، لكن على طريقة “الفوانيس والشموع”.
أما النقل العمومي، فقد قرر – بكل أدب – أن ينسحب من حياة المواطنين، احتراما لكرامتهم التي تسحق يوميا في حافلات تشبه علب السردين، إن وجدت أصلا.
ولعل المجلس الجماعي يرى أن المشي رياضة مفيدة، خصوصا في طريق غير معبدة، في ليل بلا إنارة.
ولا تكتمل الصورة بدون زينة الأزبال التي تملأ الشوارع وتمنح المدينة طابعا “فنيا بيئيا” خاصا، في تجربة فريدة من نوعها لتحويل مكناس إلى متحف مفتوح للنفايات المنزلية، مجانا وبدون موعد مسبق.
كل هذا يحدث تحت أنظار “أغلبية هجينة”، لا نعرف إن كانت هجينة من حيث التكوين أم القرارات أم من حيث فهمها لدورها في التسيير؛ والظاهر أن هذه الأغلبية تسير وفق مبدأ “دع الأمور تمشي ربما تنظف نفسها”.
اخيرا، قد يكون الحل الوحيد هو إدراج مكناس في موسوعة غينيس كأول مدينة تدار بعقلية “اللا إنجاز”، وتنجح في تحويل الفشل إلى سياسة عمومية مستدامة.
عمار الوافي
مواطن مكناسي
فاعل سياسي ومدني
التعليقات مغلقة.