مكناس.. مدينة التاريخ تختزل في جبل من القمامة

في الوقت الذي تباع فيه صورة مكناس كعاصمة إسماعيلية وتاريخية، يعيش سكانها واقعا أكثر تشويقا.. مدينة غارقة في القمامة، وروائح تزاحم عبق التاريخ، ومطارح تتحول إلى بؤر للتلوث والمرض.
بدل أن تزيّن الشوارع بحدائق وأنوار، يكتشف الزائر أن “الديكور الرسمي” هو أكوام من النفايات تُحيط بالأحياء كالأحزمة السوداء.
إنها فضيحة بكل المقاييس لكن من يهتم؟
المجلس الجماعي برئاسة عباس المغاري، الذي يفترض أنه الحارس الأمين على صحة وبيئة الساكنة، تحول إلى متفرج على مسرحية سوداء عنوانها.. “التدبير المفوض”.
شركة تكدس الأرباح، والمدينة تكدس القمامة.
لا تقنيات لمعالجة النفايات، لا مصانع لإعادة التدوير، لا رؤية ولا إرادة؛ فقط سياسة “ادفن ما لا تراه” و”أحرق ما يزعجك”.
النتيجة.. تربة ملوثة، مياه جوفية مسمومة، وهواء خانق.
أما البنية التحتية، فهي تعكس فلسفة “الغياب الحاضر”.. حاويات شحيحة كالمطر في الصيف، جمع عشوائي يجعل الشوارع تعلن حالة طوارئ بيئية بشكل شبه يومي، وحشرات وقوارض تعقد مؤتمراتها الليلية في قلب الأحياء؛ وكأن المجلس الجماعي قرر تحويل مكناس إلى مختبر مفتوح لتجارب التلوث الحضري.
والضحية؟ عمال النظافة، الجنود المجهولون الذين يرسلون إلى الجبهات بلا خوذات ولا دروع، يتقاضون أجورا تافهة مقابل مهام قاتلة.
في المقابل، يجلس المسؤولون في مكاتبهم الوثيرة، يديرون أزمة القمامة بـ”اللامبالاة”.
مكناس اليوم ليست فقط مدينة منهكة بيئيا، بل مسرح لجريمة تدبيرية واضحة المعالم.. جثة البيئة ممددة، والسلاح في يد المجلس الجماعي.
عمار الوافي
مواطن مكناسي
فاعل سياسي ومدني
التعليقات مغلقة.