أقدم حمض نووي في العالم مصدره فيلة ماموث في سيبيريا

1٬834

كشفت دراسة حديثة أن أقدم حمض نووي تمت سَلسَلته في العالم يعود إلى أكثر من مليون عام، وعُثِر عليه في أسنان فيلة ماموث مدفونة في التربة الصقيعية في سيبيريا.

وساهمت التحاليل التي أجريت على ثلاث عينات من فيلة الماموث في توفير معلومات جديدة عن العصر الجليدي الذي سادت خلاله الثدييات الكبيرة، وعن إرث الماموث الصوفي الذي انقرضت آخر الحيوانات منه قبل أربعة آلاف عام فحسب في جزيرة رانغل قبالة سيبيريا.

وتتجاوز الجينومات التي فُككَ تشفيرها بكثير أقدم حمض نووي تمت سَلسَلته حتى الآن، وهو عائد إلى حصان يتراوح عمره بين 500 ألف و700 ألف سنة.

وأوضح المشرف على الدراسة المنشورة في مجلة “نيتشر” لاف دالن من مركز ستوكهولم لعلم الوراثة القديمة أن هذا الحمض النووي – الناقل للمعلومات الجينية، والذي يسمى الجينوم – “قديم بشكل لا يصدق”، وأن “العينات أقدم بألف مرة من بقايا الفايكينغ، وحتى تسبق وجود الإنسان الحديث والنياندرتال”.

واكتُشِفَت المتحجرات في سبعينات القرن العشرين في سيبيريا تحت التربة الصقيعية (وهي أرض متجمدة عميقة)، وحُفِظَت في الأكاديمية الروسية للعلوم في موسكو.

وتمكن الباحثون أولاً من تحديد تاريخ الأسنان (الأضراس) من خلال مقارنتها بأسنان أنواع حيوانية أخرى، كالقوارض الصغيرة المعروف أنها كانت فريدة من نوعها لفترات معينة، ووُجِدَت في الطبقات الرسوبية نفسها.

وبيّنت هذه المقارنات الأولى أن اثنتين من الثدييات الكبيرة كانتا من فيلة ماموث السهوب القديمة التي يزيد عمرها عن مليون عام. أما “الأصغر” من بين الحيوانات الثلاثة، وهو عائد إلى 800 ألف عام، فيعتبر أقدم ماموث صوفي (وهو نوع انفصل عن الماموث السهوب) تم اكتشافه على الإطلاق.

لكن الباحثين ذهبوا إلى أبعد من ذلك، إذ نجحوا في استخراج البيانات الجينية من عينات محدودة من مسحوق الأسنان تعادل كميتها “قليلاً من الملح لتتبيل طبق”، على ما قال أستاذ علم الوراثة لاف دالِن في مؤتمر صحافي.

وعلى الرغم من حالتها المتدهورة، تمكن العلماء من سَلسَلة ملايين الوحدات التي تشكل الحمض النووي، وفي تقدير عمر الحيوانات استناداً على هذه المعلومات القيمة التي تعد أكثر دقة من الأدلة الجيولوجية.

وخلص الباحثون إلى أن أقدم ماموث ويسمى كريستوفكا أقدم حتى مما كان يُعتَقَد في البداية، ويعود إلى 1,65 مليون سنة، أما الثاني ويسمى أديتشا فعمره 1,34 مليون سنة، في حين أن تشوكوتشيا، وهو “الأصغر”، يبلغ من العمر نحو 870 ألف سنة.

وشرح المعدّ الرئيسي للدراسة توم فان در فالك من جامعة أوبسالا في السويد أن أجزاء الحمض النووي لهذه الحيوانات بدت “مثل أحجية الصور المقطوعة (بازل)، وهي عبارة عن ملايين القطع الصغيرة، وهي أصغر بكثير مما يمكن الحصول عليه من الحمض النووي الحديث العالي الجودة”.

وباستخدام جينوم فيل إفريقي، وهو بمثابة الماموث الحديث، اكتشف الباحثون أيضاً أن الماموث الأقدم كريستوفكا متحدر من خط جيني غير معروف حتى الآن، يعتقد أنه انفصل عن الأنواع الأخرى قبل نحو مليوني سنة ثم استوطن أميركا الشمالية.

وأظهرت تحاليل أخرى اختلافات جينية مرتبطة بالحياة في القطب الشمالي، مثل الشعر أو التنظيم الحراري أو رواسب الدهون، مما يشير إلى أن الماموث كان مشعراً قبل وقت طويل من ظهور الأنواع الصوفية منه.

ويساهم ذوبان الجليد السيبيري الناجم عن الاحترار العالمي في الكشف عن عدد متزايد من المتحجرات، وهو بمثابة منجم حقيقي يحفّز العلماء على دراسة ماضي الحيوانات الصغيرة ايضاً، كأسلاف الأيائل أو ثعابين المسك أو القوارض.

وقال ألفريد روكا من جامعة إيلينوي الأميركية في تعليق نُشر في هامش الدراسة إن “ساعة (دراسة) الثدييات الصغيرة قد تدق قريباً” بعدما سلّط علم الوراثة الضوء على الحيوانات الضخمة في العصر الجليدي.

التعليقات مغلقة.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد