قراءة في كتاب ” بوح متعدد ” لمحمد شخمان

6٬728

ذ. سعيد قدوري
البعد الأدبي والجمالي للكتاب:
قراءة سريعة في ألوان الغلاف:

أول ما يثيرك في الكتاب، ألوان غلافه التي يطغى عليه اللونين الأبيض والأحمر، فيجذب المتلقي (المشاهد) حتى وإن كان الكتاب بين عشرات الكتب. فالأصل في الغلاف البياض؛ وهو ” اللون المرتبط عند معظم الشعوب بالطهر والنقاء، كما استخدم للمدح بالكرم ونقاء العرض من العيوب، كما التصق بالحياة والموت…في حين أن اللون الأحمر؛ له أهمية في الحياة الإنسانية ، لارتباطه بالدم ويحرك الانفعالات القوية “.

وأستنتج أن الغلاف قد يمثل الوطن، كما قد يمثل شخصية ونفسية الكاتب، – ولكني سأميل للثانية – حتى وإن كنت سأتجرأ على إنسان لم أجلس معه قبلا – لكن قدر لي ذلك أثناء حضوره يوم إمضاء الكتاب – إلا أن مقالات الكتاب أتاحت لي التعرف عليه قليلا، والبحث عبر الأنترنيت أكمل جزأ آخر، فاللونان إذا يمثلان شخصية ذ. محمد شخمان، إنسان هادئ، يحب الهدوء والجلوس بجانب البحر والتحدث معه، كما جاء في مقاله ص 117 المعنون بـ’ذكرى ميلادي 51’، نقي السريرة، معروف بكرمه، لكنه شخص دينامي، يتحرك كثيرا، تستدعيه الظروف السياسية والاجتماعية للتفاعل معها والكتابة حولها، ثوري الأفكار.

جمالية الجمع بين التنظير والتطبيق:

من المعلوم أن أغلب الإبداعات الأدبية والفكرية، تكون إما تنظيرا لأفكار أو مصطلحات أو رؤى، وإما محاولة تطبيقية لتنظيرات سابقة شعرية كانت أو مناهجية.

جاء في مقدمة الكتاب تعبير جميل من طرف مقدمه ذ. عبد الناصر لقاح: ” يذكرني هذا الكتاب الأنيق بكتب رواد لنا بالعالم العربي كانوا ينهجون نهج التنويع في الذي يضعونه من مقالات في تواليفهم مثل الذي صنع طه حسين في ” أحاديث الاربعاء”، وعباس محمود العقاد في ” مطالعات بين الكتب والناس” والمنفلوطي في ” النظرات”، وهو تقليد في الكتابة محمود”.

وجاءت عبارة له حين قال: ” هذا الكتاب في الأصل أشتات مجتمعات’، شبيهة بكلام طه حسين في مقدمة كتابه: ” وإنما هي مباحث متفرقة كتبت في ظروف مختلفة “، كما نجد المنفلوطي يتحدث عن كتابه قائلا: ” …فذلك ما تراه في رسائل النظرات، منتشرا هاهنا وهاهنا، وقد شعر به قلبي ففاض به قلبي”. إلا ان كتاب محمد شخمان جمع بين الشتات التنظيري، والفعل التطبيقي، وهذا سر جمال الكتاب. ومن أمثلة ذلك: فقد قدم لنا مقال ‘ المجتمع المدني، إشكالات نظرية ومسح تاريخي’ فتتبع تطور هذا المصطلح الأعجوبة – بتعبير الكاتب – عبر مساراته التاريخية بدأ من توماس هوبز 1791م، مرورا بجون لوك وهيغل، وكارل ماركس، وغرامشي، وصولا إلى المجتمع المغربي بداية من السبعينات. ثم سنجد مقالا بعنوان: ‘ الورقة الثقافية ‘؛ وهي مساهمة – عملية – للكاتب في أشغال اللجنة التحضيرية للمؤتمر الوطني الرابع لجمعية التنمية للطفولة والشباب. فلسان حاله يقول: إن المبدع من يجمع بين التنظير والتطبيق، فلا تحتج بقول المتنبي: ما كل ما يتمنى المرء يدركه تجري الرياح بما لا تشتهي السفن. ولكن اجعل قول نضال جابر غاية: فاقصد إلى قمم الأشياء تدركها تجري الرياح كما راد لها السفن.

الجمع بين اللغة العربية الفصحى واللهجة المغربية.

أثارتني جملة استحضرها الكاتب في إحدى مقالات الكتاب ” رجال من ذهب وإن كره أفلاطون” ص 70: ” ناقشنا الفكر والأدب والشعر وقواعد الكتابة الشعرية، ورغم بعض المناكفات الجميلة…. سمعنا شعر الجميع واستمتعنا به” ، وكلنا يعلم ما للشاعر من قيمة عند العرب منذ سالف العصور، فعرفت أنني أمام أديب وشاعر – وإن رفض الاعتراف بذلك في اللقاء- ومن يقرأ الكتاب ولغته وألفاظه وطريقة تركيبها سيتأكد من ذلك، لكن إدخال اللهجة العامية، بمقال ‘ قهيوة مع صاحبي محمد شخمان’، والإبداعات الأولى لابنته البكر ماجدولين، ضمن مكونات الكتاب، سيوسِم ‘ بوح متعدد’ – ولما للكاتب من جرأة على هذا الأمر- بجمالية الغاية منها إراحة المتلقي من ثقل الألفاظ والمصطلحات الفلسفية والسوسيولوجية والقانونية…

خاتمـــــــة:
الكتاب وغلافه وعنوانه طبعا، هو جزء من شخصية محمد شخمان، فالكتاب يجمع بين الهدوء والسكينة والتأمل، وبين الحركية والانفعالات والتنقلات والتضحيات والمقاومة…بين الثبات؛ ثبات الفكرة والتصور، وبين التغيير؛ تغيير الواقع، تغيير التفكير، تغيير الأهداف.

التعليقات مغلقة.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد