الاحتمالات المستبعدة في حرب غير محتملة.. إسرائيل وإيران بين العض على الأصابع وتوازن الرعب

في خضم التصعيد الكلامي المتبادل والضربات المتقطعة في الظل، تلوح في الأفق فرضية مواجهة عسكرية مباشرة بين إسرائيل وإيران.
وعلى الرغم من ضجيج التهديدات، فإن ملامح “حرب شاملة” تبقى مستبعدة، ليس فقط لاعتبارات عسكرية، بل لاعتبارات جيواقتصادية تفوق قدرة اللاعبين على تحمل تبعاتها.
من المؤكد أن أي ضربة إسرائيلية ضد أهداف إيرانية ستكون محسوبة بدقة، سواء من حيث الزمان أو المجال الجغرافي المستهدف.
وبالمثل، فإن الرد الإيراني المتوقع — سواء عبر صواريخ بعيدة المدى أو طلعات للمسيرات — لن يتجاوز حدود التصعيد المحدود.
ليس لأن الطرفين لا يمتلكان أدوات الردع، بل لأن الجميع، بمن فيهم الولايات المتحدة، يدركون أن الانزلاق إلى حرب شاملة مع إيران هو مغامرة ذات كلفة لا يملك العالم ترف تحملها.
قد يخطئ البعض في تقييم القدرة العسكرية الإيرانية، ظنا أنها قوة ضاربة متكاملة، لكن الحقيقة أن الحصار المفروض على طهران منذ أكثر من أربعة عقود قد جعل من جيشها التقليدي بنية ضعيفة ومحدودة.
ومع ذلك، طورت إيران سلاحا واحدا يعيد صياغة موازين الردع في الشرق الأوسط.. الصواريخ الباليستية بعيدة المدى، والتي يتجاوز مداها 2000 كيلومتر.
ووفق تقديرات متعددة، تمتلك طهران عشرات الآلاف من هذه الصواريخ، بما يكفي لضرب العمق الإسرائيلي وإشعال النيران في الخليج العربي بأكمله.
وفي حال اندلاع حرب شاملة، فإن إيران — وإن كانت مهددة بالفناء العسكري — تستطيع بالمقابل إفناء ثروات نفطية ضخمة، ليس فقط لشعوب الخليج، بل للاقتصاد العالمي كله.
هذا الاحتمال، بما يحمله من كلفة اقتصادية وإنسانية غير مسبوقة، يجعل خيار الحرب الشاملة ضربا من الجنون السياسي.
بل إن مجرد التفكير في “زوال الكيان” الإسرائيلي تحت وابل من الصواريخ، يضع صناع القرار في واشنطن وتل أبيب أمام معادلة ردع لا يمكن تجاهلها.
من هنا، تتبلور قناعة راسخة.. لا حرب شاملة، على الأقل في الأفق المنظور.
والضامن الأكبر لذلك ليس سوى الولايات المتحدة، التي — رغم كل التوترات الظاهرة — ترتبط مع طهران بتفاهمات ضمنية، مباشرة أو غير مباشرة، تقوم على قاعدة “إدارة التصعيد لا تفجيره”.
هكذا، نعيش في زمن توازن الرعب.. حيث السلاح موجود، والقدرة على التدمير مؤكدة، لكن الرغبة في النجاة — ولو مؤقتا — هي ما يحكم المشهد.
فهل يستمر هذا التوازن؟ أم أن خطأ واحدا كفيل بإشعال المنطقة (الشرق الأوسط) برمتها؟
عمار الوافي
التعليقات مغلقة.