كفى من التبرير.. الجماعة فاعل محوري ومسؤولة عن التنمية المحلية

في الوقت الذي تنتظر فيه الساكنة مشاريع حقيقية تخرج المدن من أعطابها المزمنة، يخرج علينا البعض يحاول تبرئة المجالس الجماعية من أي مسؤولية، بزعم أن المشاريع الكبرى ليست من اختصاص الجماعة، وأن الرئيس والمجلس لا حول لهم ولا قوة، وأن “المزاج الشعبي” يظلمهم.
لكن الحقيقة أن هذا الخطاب، الذي يروج لعجز الجماعات، لا يصمد أمام قراءة بسيطة للقوانين التنظيمية المغربية، ولا أمام منطق الدستور، ولا أمام الواقع الميداني.
صحيح أن القانون التنظيمي 113.14 يحدد اختصاصات الجماعة في مجالات النظافة، الإنارة، الطرق المحلية، تنظيم الأسواق.
لكن هذا لا يمثل سوى الشق الأول من الاختصاصات الذاتية.
نفس القانون يعطي للجماعة:
اختصاصات مشتركة مع الدولة، في التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبيئية.
اختصاصات منقولة يمكن تفويضها من الدولة للجماعة بمجرد استعدادها وقدرتها.
فكيف ندعي أنها فاعل ضعيف، وهي ممكنة قانونا من لعب أدوار استراتيجية؟
ألا يندرج تشجيع الاستثمار، محاربة الهشاشة، دعم المقاولات، وتحسين جاذبية المدينة ضمن اختصاصاتها؟
القانون يمنح رئيس الجماعة سلطة تقريرية وتنفيذية، منها:
إعداد وتنفيذ برنامج العمل الجماعي.
التعاقد مع القطاعات الوزارية والجهات والمجالس الأخرى.
تتبع المشاريع التنموية وإعداد الميزانية.
وإذا كان الرئيس لا يستطيع التخطيط أو الترافع أو التعبئة أو الإبداع في التمويل، فلماذا تحمله صناديق الاقتراع هذه المسؤولية أصلا؟
كل جماعة، وفق المادة 78، مطالبة بوضع برنامج عمل لـ6 سنوات، يشخص الحاجيات ويحدد المشاريع ويقترح الشركاء.
ولا يشترط أن تملك الجماعة كل الموارد، لكن أن تملك الرؤية، والمبادرة، والقدرة على التفاوض وجذب الشراكات.
فالمدينة التي تنتظر الدولة كي تأتيها بالمشاريع، دون أن تبادر، لن تتقدم.
والجماعة التي لا تخطط ولا تترافع، لن تستفيد من التمويلات.
المواطن لا يطلب من الجماعة بناء طريق سيار أو إنشاء ميناء فضائي، بل يطلب منها:
طرق صالحة، نظافة الاحياء والشوارع، أسواق منظمة، نقل حضري إنساني، حدائق ومساحات خضراء، إنارة، أمن بيئي، تنشيط ثقافي.
هذه ليست مشاريع خيالية، بل اختصاصات قانونية ومباشرة للجماعة.
ومن لا ينجزها، فليتحمل مسؤوليته، لا أن يتوارى خلف خطاب المظلومية.
محاولة تحميل جهة، أو العمالة، أو الدولة المركزية كل شيء، هو تواطؤ ناعم مع العجز.
الناس يميزون اليوم بين من يبادر ومن يختبئ، بين من يخطط ومن يشتكي، بين من ينجز ومن يبرر.
كفى من التهرب من المسؤولية،
كفى من ترديد عبارة “ماشي من اختصاصنا”،
كفى من تسويق العجز كأنه واقع طبيعي.
من أراد أن يسير مدينة، فليتحمل مسؤولية تنميتها، ومن لا يملك الجرأة أو الكفاءة، فليفسح الطريق لمن يستطيع.
عمار الوافي
طالب جامعي
فاعل سياسي ومدني
التعليقات مغلقة.