مغرب المهرجانات.. تدوير دراهم/تخدير أم تنمية ثقافية ؟

325٬388

في فترة الثمانينات و التسعينات كان صندوق النقد الدولي يوصي الدول غير النامية بتخفيض نسبة الإنفاق على التعليم والثقافة بحجة أنها قطاعات غير منتجة.

لكن منذ سنوات طويلة أصبح هناك وعي متنام بأن التعليم والثقافة هما من يصنع الإنسان والانسان يخلق الثروة ثم التنمية. التربية والثقافة هي من تصنع الإنسان السوي والواعي والمثقف القادر على بناء الحضارة .

إذن الثقافة ليست ترفا، فلا توجد أمة متحضرة دون ثقافة، ودون صناعة ثقافية، ودون تراكم ثقافي، ودون فلسفة .

وبالثقافة وحدها نستطيع محاربة الظلامية والإرهاب والتطرف بجميع أنواعه .

المهرجانات جزء من قنوات النقاش الثقافي والإشعاع الثقافي والتمكين الثقافي والفني وطنيا ودوليا .

أرى أن من وأجب الدولة بكل مؤسساتها رفع ميزانيات الثقافة على المستوى الوطني والجهوي والمحلي. وأرى أن الإكثار من المهرجانات الثقافية في كل المدن والقرى هو فضيلة وذو فائدة، فقط يجب الإنتباه إلى جودة المنتوج الثقافي والفني والابتعاد عن الرداءة والإبتذال لأنهما يصنعان أجيالا تائهة ومخذرة، ولا هدف لها ولا فائدة منها، لا لذاتها ولا للمجتمع .

تنظيم المهرجانات ليس هدرا للمال العام إلا حين يتعلق الأمر إما بتشجيع الشعوذة والغيبيات في مواسم التضبيع الديني أو عند السماح بتمرير فقرات تسمى فنية وهي وصلات لنشر الخلاعة والكلام النابي والتشجيع على المخدرات من على المنصات .

أحيانا لا يكون مشكل كبير في الميزانيات المخصصة للثقافة بقدر ما يكون المشكل في التوزيع العادل لتلك الميزانية، حيث نجد في كثير من الأحيان أن مهرجانات التفاهة تخصص لها ميزانيات ضخمة، ومهرجانات الفن الراقي والثقافة الجادة تعطى لها مخصصات ضعيفة وأحيانا تحرم من كل دعم وتشجيع، ولربما تحاصر .

ختاما أريد أن أسوق لكم ما قاله الجنرال دوگول أثناء ولايته الرئاسية الأولى حين جمع مستشاريه وسألهم عن وضع البلاد، فأجابوا بأنه سيء نتيجة للحرب العالمية الثانية. ولما سألهم عن حال الثقافة بفرنسا أجابوه بأنها الواجهة التي صمدت فقال: ما دامت الثقافة ببلادنا بخير ففرنسا لازالت بخير، وكل شيء ٱخر يمكن تعويضه .

محمد شخمان

التعليقات مغلقة.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد