سجناء الحبر.. مأساة حرية الإعلام في الجزائر

639٬514

تعتبر حرية الإعلام أحد أركان الديمقراطية والتنوع الثقافي، إلا أن واقعها في الجزائر لم يكن يوماً مضموناً بمرور الزمن. بعد استقلال الجزائر عن فرنسا، دخلت البلاد مرحلة الأحادية الإعلامية، حيث تسيطر السلطة على وسائل الإعلام بمختلف أشكالها.

منذ البداية، واجهت وسائل الإعلام في الجزائر تحديات كبيرة تتمثل في محدودية حرية التعبير. لم تعتبر السلطة الإعلام وسيلة لتبادل الأفكار والآراء، بل كانت ترى فيها وسيلة للترويج للدعاية السياسية وتقديم الصورة الإيجابية للقيادة والجيش.

الوسائل الإعلامية في الجزائر، سواء البصرية أو السمعية أو المطبوعة، كانت دائماً تحت رقابة السلطة. تم استخدامها لتشويه صورة الخصوم والمعارضين، بينما تم تهميش أية محاولة للكشف عن الفساد أو الخروقات. ومع تنافس المؤسسات الإعلامية، تحول التغطية الإعلامية إلى منصة لتزييف الحقائق ونشر الأخبار المضللة والمعلومات الملفقة.

الصحافة الاستقصائية أصبحت تواجه صعوبة في تنفيذ دورها بشكل فعّال، حيث تعترضها تهديدات وضغوط من جهات متعددة. تعتبر حكومة الجزائر الإعلام وسيلة للسيطرة على الرأي العام وإشاعة رؤيتها ومشاريعها. تجد الصحافيين أنفسهم في موقف صعب بين التزامهم بالأخلاقيات المهنية ومحاولة البقاء على قيد الحياة في بيئة تفتقر للحرية والشفافية.

مع مرور الزمن، تجاوزت الإعلام الجزائري التحديات المحلية لتمتد إلى المستوى الإقليمي والدولي. تشهد الوسائل الإعلامية تقديم محتوى مغلوط وملتوي، مما يؤثر على سمعة البلاد ويقلل من مصداقيتها.

ليست هناك شكوك في أهمية وجود إعلام حر في الجزائر، يمارس دوره بدون قيود وضغوط. إن تحقيق حرية الإعلام يعتبر خطوة أساسية نحو تعزيز الشفافية ومكافحة الفساد، وتمكين المواطنين من الوصول إلى معلومات دقيقة وموثوقة. تحقيق هذا الهدف يتطلب تحديث التشريعات الإعلامية وتوفير بيئة تشجع على التنوع الإعلامي وتحفز على التحقق من الأخبار قبل نشرها.

باختصار، تظل حرية الإعلام في الجزائر تحديا كبيرا يجب معالجته من خلال تحقيق التوازن بين حقوق الصحفيين والمواطنين والضرورة الواجبة للمسؤولية الإعلامية.

عمار الوافي

التعليقات مغلقة.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد