مكناس.. المدينة التي اختفت بين أنياب الفساد
عندما تزور مكناس اليوم، لن تجد تلك المدينة العريقة التي تغنى بها التاريخ واحتضنت الحضارات.
بدلا من ذلك، ستجد مشاهد تنتمي إلى عصر لا يمت للتطور بصلة، حيث الفساد أصبح هو الحاكم بأمره، والمدينة تنهار تحت وطأة الإهمال والتسيب.
في مكناس، حتى الطرقات تشكو من الحفر التي أصبحت تشبه مغارات أثرية، بينما الأرصفة صارت مزالق للتزلج في الشتاء.
أما المشاريع التنموية؟ فهي، على ما يبدو، مجرد أحلام كتبها أحدهم على ورق أكلته الرطوبة.
وإذا تحدثت عن الإدارة، ستكتشف أن الفساد هناك ليس مجرد آفة، بل هو “ثقافة”.
في مكناس، لا تسأل عن الإنجازات، بل اسأل.. من لم يتورط بعد؟ هناك دائما من يملك مهارة مذهلة في تحويل كل درهم مخصص للتنمية إلى جيب شخصي بسلاسة.
حتى الهواء في مكناس يبدو متواطئا، فهو يحمل رائحة الماضي العريق الممزوجة برائحة الحاضر الكئيب.
ووسط هذا الانهيار، يبدو أن سكان المدينة بدأوا يتقنون فن التعايش مع الفساد وكأنه جزء من هويتهم اليومية.
أما المسؤولون؟ فهم يعيشون في قصص خيالية حيث كل شيء يبدو على ما يرام.
ربما في مخيلتهم، مكناس هي المدينة الفاضلة التي تحدث عنها الفلاسفة، أو ربما قرروا أن ينفصلوا تماما عن الواقع مثلما انفصلت ميزانيات التنمية عن مشاريعها.
في النهاية، مكناس لا تحتاج إلى خطط إنقاذ بقدر ما تحتاج إلى “محكمة شعبية” تنهي أسطورة الفساد التي حولت هذه المدينة التاريخية إلى مجرد ذكرى حزينة.
عمار الوافي
التعليقات مغلقة.