مكناس بين “عهد بوانو” و”عهد عباس”

743٬108

يروى في كتب التاريخ والأساطير أن مدينة مكناس، التي كانت يوما درة المدن المغربية، قد شهدت تحولات عجيبة على مر الأزمان.

ففي “عهد بوانو”، كان المكناسيون يرفعون مطالبهم نحو السماء، يحلمون بالمراكز الثقافية، المشاريع الكبرى، والبنية التحتية التي تليق بتاريخ مدينتهم العريق.

كانت الطموحات تحلق عاليا، حتى بدا أن مكناس في طريقها لتستعيد مجدها الضائع.

لكن، وكما يحدث في كل قصة مأساوية أو أسطورة أغريقية، أتى “عهد عباس”؛ فجأة، لم يعد المكناسي يحلم بمسرح ولا بمكتبة ولا بمشاريع كبرى، بل صار حلمه بسيطا متواضعا بحجم “بولة” إنارة عمومية.

لقد انحسر الأمل إلى مجرد ضوء خافت، مثل فانوس ضعيف يحاول الصمود في وجه الظلام الدامس.

وهنا، لا يسعنا إلا أن نتذكر أسطورة “بروميثيوس”، ذاك الذي سرق النار من الآلهة ليهديها للبشر، فقامت الآلهة بمعاقبته عقابا شديدا.

الفرق أن المكناسي لم يسرق شيئا، بل فقط طلب “بولة” لتضيء طريقه، لكن يبدو أن هناك من قرر أن يبقيه في الظلام، عقابا له؛ على ماذا بالضبط؟ لا أحد يعلم.

وربما، في المستقبل، ستتغير المطالب مرة أخرى.

إنها مكناس المدينة التي بدأت بأحلام كبرى وانتهت بمطلب صغير صغير جدا، لكنه يعكس واقعا أكثر ظلمة مما يمكن لأي “بولة” أن تنيره.

-يتبع-

عمار الوافي

التعليقات مغلقة.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد