مكناس والفوضى الصامتة.. من المستفيد من احتلال الملك العمومي؟
بينما تشهد العديد من المدن المغربية حملات مكثفة لتحرير الملك العمومي، تقف مدينة مكناس وكأنها خارج هذا المشهد تماما.
في الوقت الذي تُخرج فيه السلطات المحلية في مدن أخرى الجرافات لهدم كل ما بُني على الملك العام، يبدو أن مكناس اختارت الحياد، وكأنها تعتقد أن احتلال الملك العمومي هنا ليس مشكلة بل ربما “حق مكتسب”.
ظاهرة احتلال الملك العام في مكناس، تجاوزت كل الحدود.
الأرصفة تحولت إلى امتداد للمقاهي، والباعة المتجولون استوطنوا الشوارع، فيما أصبحت قيادة السيارة تجربة أشبه بسباق الحواجز، حيث يحتاج السائق إلى مهارات خاصة للمرور بين الأسواق العشوائية والركام المنتشر.
المدينة تبدو وكأنها قررت أن تكون نموذجا استثنائيا للإبداع في استغلال المساحات العامة.
لكن السؤال الذي يطرح نفسه.. من المستفيد الحقيقي من هذا الوضع؟ أصحاب المقاهي الذين استولوا على الأرصفة؟ الباعة الذين حولوا الشوارع إلى متاجر مفتوحة؟ أم المواطن العادي الذي يجد نفسه مضطرا للتعايش مع هذه الفوضى؟ ربما كل هؤلاء، وربما آخرون لا يظهرون للعيان.
في النهاية، يبدو أن الجميع متورط بشكل أو بآخر، باستثناء السلطات التي يبدو أنها تعيش في عالم مواز.
الشرطة الإدارية، التي من المفترض أن تكون العين الساهرة على تطبيق القوانين، تبدو وكأنها في سبات عميق.
وجودها يقتصر غالبا على الاجتماعات الرسمية، حيث تُطرح الخطط والبرامج، بينما الواقع في الشارع يسير في اتجاه مختلف تماما.
هل هي عاجزة عن التدخل؟ أم أن هناك أسبابا أخرى لا يعرفها أحد؟
وهنا، لا يمكن تجاهل التساؤل.. هل يمكن أن يكون هناك شبهة فساد تحول دون الحد من هذه الظاهرة؟ وهل المصالح الشخصية أو العلاقات النافذة تلعب دورا في تغذية هذا الوضع؟
وفي ظل هذا الوضع، يبقى السؤال الأهم.. متى ستتحرك السلطات لتحرير الملك العمومي في مكناس؟ أم أن المدينة ستظل تكتفي بدور “المتفرج” في مسرحية الفوضى؟ ما يحدث اليوم يعكس واقعا ساخرا، حيث يبدو أن تحرير الملك العمومي ليس سوى حلم بعيد المنال، في مدينة تعيش تناقضاتها اليومية دون أي بوادر تغيير في الأفق.
عمار الوافي
التعليقات مغلقة.