قفة رمضان.. موسم الصيد الانتخابي المبكر

743٬217

مع حلول شهر رمضان، تتحول القفة الرمضانية من مجرد مساعدة اجتماعية إلى “مائدة انتخابية” عامرة، تفتح شهية الأعيان والمرشحين المحتملين لتشريعيات 2026.

فكما تعودنا، لا شيء يوقظ الضمائر السياسية النائمة مثل رائحة الكسكس والزيت والسكر المعبأة في أكياس الخير الموسمية.

يبدو أن قفة رمضان صارت بطاقة عبور للقلوب قبل الصناديق، إذ يحرص البعض على توزيعها شخصيا، مصحوبين بكاميراتهم، لضمان أن لحظة الكرم هذه لن تمر مرور الكرام دون تسجيلها في أرشيف الحملات الانتخابية غير المعلنة.

فالفقراء، الذين لا يتذكرهم أحد طوال العام، يصبحون فجأة محل اهتمام بالغ، وكأنهم أوراق انتخابية متنقلة تستحق الاستثمار.

المثير للدهشة أن بعض هؤلاء “المحسنين الجدد” لم يعرف عنهم سوى شغفهم بالصفقات والمناصب، لكنهم من الآن سيتحولون إلى ملائكة رحمة، يطرقون الأبواب، يوزعون القفف بابتسامة عريضة وكأنهم يقدمون برامج انتخابية من الأرز والعدس.

والأغرب أن بعضهم لا يكتفي بالتوزيع، بل يطالب المستفيدين بالتقاط صور تذكارية معهم، كأنها تعهدات انتخابية مصغرة تحفظ في ذاكرة الهاتف قبل صناديق الاقتراع.

أما الأعيان، فبعضهم فلن يجد غضاضة في طبع صورته على أكياس المساعدات، خشية أن يضيع فضل الإحسان وسط زحام المنافسين.

ولأن السياسة فن الاستفادة من كل شيء، تحولت موائد الإفطار الجماعي إلى لقاءات تشاورية غير رسمية، حيث يتم تبادل “البركات” و”التزكيات” في آن واحد.

في النهاية، يبقى الفقير هو الحلقة الأضعف، الذي يجد نفسه بين سندان الحاجة ومطرقة الوعود السياسية الموسمية، حتى يمر رمضان، وتنطفئ كاميرات “الخير”، وينشغل الجميع بصفقات جديدة، إلى أن يحين موعد موسم الصيد الانتخابي القادم.

-يتبع-
عمار الوافي

التعليقات مغلقة.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد