سيتي باص مكناس.. خردة متحركة على عجلات الصمت البلدي
إذا كنت من سكان مكناس، فلا شك أنك قد جربت مغامرة ركوب حافلات “سيتي باص”، وهي تجربة قد تجعلك تراجع حساباتك حول تعريف “وسائل النقل العام”.
حافلات كبيرة-صغيرة، مهترئة، تكاد تتساقط أجزاؤها بينما تحاول عبور شوارع المدينة.
يبدو أن الشركة قررت أن تُدخل المواطن في اختبارات البقاء، فهل سينجو من هذا الصراع مع خردتها المتحركة؟
الحافلات التي من المفترض أن تنقل الركاب أصبحت رمزا للمعاناة اليومية.
فلا تقتصر المشكلة على عدد الحافلات القليل فقط، بل حتى تلك التي تجوب الشوارع تبدو وكأنها خرجت للتو من متحف “الآلات القديمة”.
محركاتها تئن، أبوابها تعاند الإغلاق، والكراسي قد تصفها بأنها أقرب إلى “فن التنكيل بالمواطن” منها إلى وسيلة للراحة.
ولكن إذا كنت تتخيل أن “سيتي باص” فقط تنقل الركاب، فأنت مخطئ، فهي تقدم أيضا خدمات إضافية مثل “توزيع التلوث الهوائي والصوتي” مجانا.
أما المجلس البلدي، فلا يزال في موقع المتفرج على هذه المهزلة.
ربما يعتبر أن “الصمت الحكيم” هو السياسة المثلى في التعامل مع أزمة النقل.
السؤال الذي يطرحه المواطن المكناسي هو.. هل المجلس البلدي لا يرى هذه الحافلات؟ أم أن أعضاءه يفضلون سياراتهم المكيفة، بعيدا عن صراخ المحركات وأنين الركاب؟
وإذا سئل المجلس، فالمبررات جاهزة.. “الشركة ملتزمة بتعاقدها”، و”نعمل على تحسين الوضع”، و“الميزانية لا تكفي”.
ولكن المواطن يعرف أن كل هذه الجمل لا تساوي حتى ثمن التذكرة التي يدفعها لركوب “الخردة المتنقلة”.
الحل الوحيد ربما هو أن تتحول “سيتي باص” إلى فيلم وثائقي عن التاريخ الصناعي، حيث تُعرض حافلاتها المهترئة كأثر من آثار “عصر الإهمال البلدي”.
أما المجلس البلدي، فربما يحتاج إلى رحلة خاصة داخل إحدى هذه الحافلات ليدرك حجم المعاناة.
في النهاية.. مكناس تستحق نظام نقل يليق بتاريخها وسكانها، أما “سيتي باص”، فقد آن الأوان لتترك خشبة المسرح وتبحث عن دور جديد بعيدا عن حياة المكناسيين.
عمار الوافي
التعليقات مغلقة.