رئيس الحكومة في أكادير.. مؤتمر الحزبيين أولى من أزمة اليائسين؟
لو كنا نعيش في دولة حيث تُفهم فيه المسؤولية على حقيقتها، لكان رئيس حكومة المملكة المغربية، قد حزم حقائبه فورا بعد ما جرى في الفنيدق ومرتيل، وهرع إلى الرباط لعقد اجتماع أزمة عاجل.
لكن يبدو أن رئيس الحكومة لديه أولويات أخرى، إذ فضل البقاء وسط شباب حزبه في أكادير، تارك شباب الوطن يصارعون اليأس ويبحثون عن مخرج، ولو عبر قوارب الموت.
ربما يعتقد رئيس الحكومة أن تنظيم مؤتمر حزبي مليء بالتصفيق والتقاط الصور هو الرد المناسب على شباب يتسكع في الفنيدق، بعدما جردته الحياة من أي أمل.
أو ربما يرى أن الأزمات الاجتماعية مجرد فواصل إعلانية في مسلسل طويل من الاجتماعات السياسية التي لا تنتهي.
بينما “بعض شباب” الحزب يلهثون خلف المناصب، هناك شباب آخرون يلهثون خلف الهروب، ربما لأنهم يرون أن مغامرة عبر البحر أخف وطأة من البقاء في وطن سد أبوابه في وجوههم.
يبدو أن رئيس الحكومة نسي أن مهمته ليست توزيع الابتسامات على شباب الحزب في أكادير، بل مواجهة جحافل من الشباب اليائس الذي لم يعد يرى في هذا الوطن سوى باب مغلق يرمقه بنظرات باردة.
والأغرب من كل هذا هو الحل العبقري الذي تقدمه الحكومة.. “العصي والدروع”، هكذا تحل المشاكل في نظرهم.
بدلا من حل جذور الأزمة، يظنون أن بضعة رجال شرطة قادرون على محو إحباط الشعب.
يبدو أن رئيس الحكومة يظن أن الهراوة يمكنها أيضا إخفاء العجز الاقتصادي والبطالة المتفشية.
من يعتقد أن الأزمات الاجتماعية ستختفي إذا أغمضنا أعيننا، يعيش في عالم آخر..
ربما في أكادير، حيث المؤتمرات أكثر أهمية من الواقع.
لكن ما جرى في الفنيدق ومرتيل هو مجرد عرض تمهيدي لما هو قادم، ما لم تستيقظ الحكومة من غيبوبتها وتقرر أخيرا مواجهة المشكلة بدلا من الهروب منها.
هذا ليس وقت التظاهر بأن الأمور تحت السيطرة عبر التصريحات الجوفاء، وليس وقت الأنشطة الحزبية التي تدار كما لو كانت حفلات زفاف.
إنه وقت العمل الفعلي لإنقاذ ما تبقى من مستقبل الشباب.
إذا استمرت الحكومة في تجاهل الأزمات وتوزيع المناصب، فإن القوارب ستبقى ممتلئة بالشباب الهارب، والوطن سيغرق أكثر في بحور من الأزمات التي تطفو كلما تجاهلناها.
إذا لم تدرك الحكومة أن الشباب هم كنز الوطن الحقيقي، فستظل هذه السفينة – التي نسميها الوطن – تغرق، بينما القبطان مشغول في توزيع الكراسي على أصدقائه في قاعة الاجتماعات.
عمار الوافي
التعليقات مغلقة.